ذكرى القائد ... والنتائج !! بقلم / فتحي غنام
طالعتنا بعض الجهات الإعلامية الخاصة و المملوكة لحكومة الأمر الواقع ، بنتائج ما يسمى التحقيق في جريمة قتل الأبرياء المحاصرين المقهورين في ذكرى استشهاد الرمز الوالد القائد أبو عمار ، حيث هُدرت الدماء و ديست المعايير و سقطت الشعارات و هانت العدالة الممسوخة و المحاصرة تحت حراب البنادق ، فالمدقق في هذه النتائج يدرك جيداً حجم الاستخفاف بالجماهير الشاهدة عياناً على القهر و النيل منهم ضمن برامج عجز عنها الاحتلال و أعوانه .. فمن هي لجنة التحقيق و فيما حققت ؟؟ و من الفيصل بذلك و من هم شهود العدل و العدالة ؟؟ و كال قال المثل الشعبي (( تشكي لمين ... إلخ )) إذن ... ما هي إلا نتائج ابتدعت و خُلقت ما أنزل الله بها من سلطان ، و ليس لها علاقة أو صلة بالحقيقة المرة التي يعاني منها أهل غزة ... وخاصة منهم من لم يكن في الدائرة الخضراء بل في عينها !!! فالجهة التي قتلت هي الجهة التي حققت ، و هي بنفس الوقت التي تريد أن يصدق الجميع هذه النتائج و هذه المهزلة الإنسانية ..
فهل يا ترى يجوز أن يكون القاتل هو الدفاع وهو جهة القضاء و هو كل شيء مع الإصرار على إلغاء الجميع ليبقى هو سائداً على الجميع قهراً و تحت وسائل القهر و العنجهية و التبريرات موجودة و مساقة مسبقاً و على الكل أن يصدق كل ما يقال ، و لكن إن هذا المنطق لا ينفع و لا يجدي مع هذا الشعب الذي خاض هذه المسيرة الشاقة و الطويلة و حافظ على الهوية و الذات ضد كل محاولات الطمس و التغييب و التبعية و الوصاية ، لأنه تمرس جيداً على التعامل مع كافة الادعاءات و الافتراءات ، و أبطل كل المزاعم لأنه أدرك جيداً طبيعة المرحلة ، و ماهية الأمور .. و أصبح يتعامل معها كما تعامل أهل القرية مع الفلاح الذي اتخذ منهم وسيلة تسلية و ترفيه حينما كان يستنجد بهم ساخراً منهم بأن ينقذوه و غنمه من الذئب ، و في النهاية يتبينوا أن هذه المزاعم ما هي إلا كذب و افتراء و استخفاف بهم وبقولهم و عاهدوا الله ثم أنفسهم أنهم لن ينجروا خلف هذه الادعاءات و الافتراءات الكاذبة إلى أن داهم الذئب الفلاح حقيقة فصرخ و صرخ و لم يلبِ دعوته و صراخه إلا الصدى الفارغ الذي هو بمثابة السراب الذي يحسبه الظمآن ماء ...
و هذه النتائج _ سبحان الله _ حمّلت حركة فتح المسئولية عن الأحداث الدموية المؤسفة التي راح ضحيتها العشرات من الشهداء و الجرحى غدراً و قهراً برصاص للأسف من المفترض أن لا يوجه إلا لصدر الأعداء ، فمهما اختلفت التناقضات و مهما تعالت و تدانت و سيقت الأسباب الواهية الفارغة من المحتوى الوطني و الإسلامي و الديني .. فهل يا ترى من المنطق أن تُمزق وحدة شعبنا و جناحي وطننا و يُفتت النسيج الاجتماعي و تُقتل الأحلام و الآمال ، فهل هو منطق الدين و الإسلام الذي هو براء من قتل مسلم بغير حق و يعتبر أن هدم الكعبة أهون من ذلك .. بأي منطق بحق الله ؟ و هل هذا يا ترى سيجعل لنا هذا المنطق احتراماً في عيون الآخرين ؟ أم سيزيد من اللعنات و نظرات الاستفسار و الاستغراب و الاشمئزاز ؟ وهل هذا ما نسعى لجنيه وحصده للقضية الفلسطينية البريئة من ذلك كله .
و هذه النتائج .. حاسبت ثمانية و عشرين من أفراد القوة التنفيذية .. لماذا وقع الحساب عليهم ، و ماهية هذا الحساب وما هو ؟ هل هو حساب المزاج أم حساب الدين ، و حساب الدين للقاتل بالقتل فهل سيتم قتلهم ؟؟ أم تم إدانتهم كرد العين عن اللجنة و قراراتها ليقال بها أنها أدانت أناساً لجانب الجهة الأساسية المسببة للحدث برمته ..
و هل يا ترى أيتها اللجنة الموقرة عرفات و تأبينه بحاجة لإذن مسبق ؟ و مِن مَن هذا الإذن .. ؟؟ و الجهة التي تم كيل الإتهامات لها لم تقد وحدها في ها التأبين الذين كان الهجوم عليه لأن المناسبة التي أقيمت ليس خاصة بحركة فتح إنما هي تعبير بالوفاء والإخلاص لقائد المسيرة الفلسطينية برمتها ، وإن تمت التخصص بحركة فتح فهي بكل الأحزال والمقايسس غير معترفة إلا بالشرعية وحدها المتمثلة بالقائد الرمز الأخ أبو مازن و تمقت هذا الانقلاب الدموي الذي آل بالأوضاع لهذه الهاوية السحيقة .. فأبي عمار الرمز الشهيد لكافة أبناء الشعب الفلسطيني بل اقترنت القضية كلها بهذا الرجل العظيم الذي لا يتكرر أبداً لأنه القائد الحقيقي الذي سعى حتى شهادته و بكل ما أوتي من تصميم و عزيمة على وحدة و تلاحم الشعب الواحد لأنه أدرك و يدرك الجميع معه أن صمام الأمان لقضيتنا هو الاتحاد و التوحد ودون ذلك سنظل في هون إلى يوم الدين ..
و على العموم إن قرارات هذه اللجنة و ما أتت به لا يعبر إلا عن رأي فئة بيدها الحكم و بيدها الأمر الواقع و لكن لا بد أن نذكر إن نفعت الذكرى لأن الحجة ستقام عليكم أمام الله تعالى يوم لا ينفع مالاً لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، أليس من شروط الحكم في الإسلام أن يتم السماع لكافة الأطراف وأن تغلب مصلحة الدين و الوطن على كل المصالح حيث يوصينا رسولنا المصطفى بهذا الشأن و يشدد على عدم الحكم استناداً على رأي طرف واحد فقال إن أتاك رجل و قد فقئت عينه فلا تحكم له فقد يكون الآخر و قد فقئت عيناه الاثنتين .
و إن كان الأمر اليوم محكوم بمصالح فئة فلا بد أن نتذكر أن قارون و فرعون و نمرود كلهم أموات لذلك لا بد أن نخلص النية و نتعامل معاملة متساوية في كافة الأمور و لأننا في البداية و النهاية نحن جميعاً نبتغي رضوان الله تعالى و نطمع بجنته فالأمور حولكم أصبحت لا تطاق من قسوتها و آلامها فالطوابير كرِّست من جديد ، فهذا للغاز و هذا للكاز ، و هذا لكذا .. إلخ ، لدرجة أن سياراتنا أصبحت تسير على الزيت و لم يحدث هذا إبان النكبة فإلى هذا الحد رجعت قضيتنا للخلف و الوراء لما قبل النكبة إن كانت هناك نكبة أخرى ، فحركة فتح هي التي حولت طوابير اللاجئين إلى مناضلين و ها هي مرة أخرى تُعاد الطوابير لتتحول من مناضلين لمتسولين تبحث عن لقمة العيش ، و تتعامل بمعاملة أسوأ بألف مرة من التمييز العنصري في جنوب أفريقيا و أمريكا فالتعامل أصبح بناء على لون الراية ، فإن كانت رايتك خضراء فكل الأمور ميسرة لك ، و إن كان كانت دون ذلك فلك كل القسوة و القهر و العذاب و طوابير الغاز و الكاز تشهد ذلك جيداً ...
و في النهاية نرجع لبيت القصيد لنقول إن نتائج هذه اللجنة التي جاءت بعد أن أكل الزمن و شرب على الحدث ، و أصبح في الماضي و لكن إنه حدث هدرت به دماء و شعبنا لا ينسى دمائه أبداً مهما طال الزمن أو قصر و إن النتائج لم تزد الجماهير إلا إصرارا على الحق لأنهم أصبحوا لا يصدقون الذي يقال لأن القول غير مطابق للحقيقة البتة وهم الذين يتعايشون ذلك و يعون الصواب و الخطأ و رأس المعاصي هو الكذب ..
و لتستعد اللجنة مرة أخرى لأن ذكرى أبو عمار ستقام لأنه أكبر من هذا كله و الوفاء لهذا الرجل وفاء للقضية و للشهداء و لن يكتمل الوفاء للوطن إلا بالوفاء لهذا الرجل الذي أضاء لنا نبراس الحرية و الكرامة ..