بسم الله الرحمن الرحيم
الجلسات التنظيمية .. بقلم / فتحي غنَّام
حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) أمانة غالية في أعناقنا وعلى كاهلنا ، تعاهدنا أن نُخلص لها فكراً و قولاً و عملاً ، لأنها مسئولية تاريخية مطالبين بها أمام الله سبحانه و تعالى يوم الموقف العظيم ، ثم أمام شهدائنا الأبرار و أسرانا البواسل الذين يمضغون ألسنتهم صبرا واحتمالا واحتسابا ، و بشهادة أطفالنا الحالمين و أيتامنا المحرومين و ثكلانا اللواتي ينزفن الحنين ، و بيوتنا المدمرة ، و أحوالنا التي وصلت لما يتطلب منا جميعاً بلا استثناء بذل كل ما لدينا ، و أن نخلص العمل الدءوب بكل صمت و جدية و أمانة ووفاء . فلنستنهض عزمنا الذي ما لان و لن يلين ، و لنجدد العهد والقسم لأننا أدركنا منذ أن انتمينا لصدر و حضن الفتح العظيم أن الطريق طويل وشاق ومحفوف بالمخاطر والصعاب ، و بحاجة لتعبيد و تمهيد ، و لن يتم ذلك إلا بالدماء والتضحية و المواصلة و الإصرار و الديمومة و الانتماء الصادق و أبناء الفتح على قدر ذلك إن شاء الله تعالى ..
ما هو التنظيم ؟
التنظيم مجموعة من الأفراد تنادوا من خلال فكرة ناجمة عن ظروف قاهرة فُرضت عليهم وقد وضعوا أهدافا واحدة تحقق الرغبات العامة و الخاصة ، هذه الأهداف تستند على أفكار مشتركة وخطوط عريضة واضحة لا لبس فيها ولا غموض ، و لديهم الاستعداد الكامل بالامتثال لكافة التكليفات و المهمات ، و العمل بكل تفاني و إخلاص ، ليصب جل العمل في خدمة تحقيق الأهداف التي من أجلها تشكل التنظيم ، و أصبح كينونة قائمة تتحدث عن نفسها من خلال العمل المتواصل لتثبيت القدم والمحافظة على الهوية والذاتية والشخصية من التذويب والطمس والتغييب ، و ذلك من خلال الإيمان الكامل بعدالة الأفكار المشتركة التي حولها تمحورت الجماعات و الأفراد الذين يشكلون ماهية التنظيم ، و التنظيم تحكمه قواعد و أسس يتم الاتفاق عليها كي ما تضمن استمرار البناء التنظيمي و بروز معالمه الهيكلية الواضحة بشكل يضمن تحقيق الأهداف المرجوة منه على الشكل الأكمل و الأمثل ..
أهمية التنظيم :
للتنظيم أهمية قصوى حيث هو الخطوة الأولى على درب تحقيق الأهداف ، و هذه الأهمية نلخصها في النقاط التالية :
1_ يعتبر البوتقة التي تصب فيها كافة الإمكانيات و الطاقات البشرية و المادية ..
2_ هو المحور الذي تلتف حوله كافة القوى التي تلتقي في أهداف مشتركة وظروف واحدة.
3_يعتبر الوسيلة المثلى الضامنة للوصول إلى المبتغى المنشود و ذلك عبر الأساليب المعتمدة و استناداً على القواعد و المبادئ الأساسية ..
4_يعمل على تعبئة كافة أبناء الإطار كضمانة للاستمرار و المواصلة و الصيرورة ..
5_ تهيئة المناخات المناسبة للعمل و الأداء و تمهيد السبل المناسبة للتقدم و الانجاز ..
ما هي الجلسة التنظيمية ؟؟
الجلسة التنظيمية هي لقاء أكثر من ثلاثة أعضاء من أبناء التنظيم ، اقتضت المصلحة التنظيمية التقائهم لتدارس أمر ما ، أو إقرار قرارات خاصة بالمسيرة التنظيمية ، أو لتدارس الفكر الحركي من خلال تبادل الآراء و التعمق في فهمها و الجلسة التنظيمية نوعان :
النوع الأول :
هذا النوع خاص باللقاءات الخاصة بالقرارات التنظيمية و إقرار القرارات التي من شأنها تقوية و بناء الأطر التنظيمية و تنفيذ السياسات والخطط التنظيمية ، و تدارس التقارير المالية ، و بحث النواحي الاجتماعية و الثقافية و الإعلامية الخاصة بالإطار التنظيمي ، و البحث عن أنجع و أفضل الطرق و الوسائل للرقي بالعمل التنظيمي لأرقى مستوياته ليكون قادراً على انجاز الأهداف بشكل ايجابي و انسيابي ..
النوع الثاني :
الجلسة التنظيمية التي يتم من خلالها تدارس الأيدلوجية التنظيمية و القواعد و الأسس التنظيمية بغية التعبئة الفكرية السياسية التنظيمية و ذلك كمتطلب أساسي واقع على كاهل التنظيم في بناء و تعبئة و تثقيف و تصليد أبناء التنظيم ليكونوا قادرين على مواكبة المسيرة التنظيمية و يؤدون أدوارهم و المهام الموكلة إليهم بشكل متكامل ..
ما أهمية الجلسات التنظيمية ؟
للجلسات التنظيمية أهمية بالغة نذكرها في النقاط التالية :
1_ تربية و بناء الأجيال التنظيمية و تعبئتها بالفكر التنظيمي ليكونوا على قدر و مستوى أهمية التنظيم ، و ليأخذوا أدوارهم الريادية المنوطة بهم و الكلفين بها على أكمل وجه ليكونوا مثالاً حسناً يجذب و يستقطب الجماهير و يعزز إيمانها و محبتها بالتنظيم الثوري ..
2_ القدرة على اتخاذ القرارات التنظيمية المستندة و المبنية على الأسس و الدعامات التنظيمية لضمان توحيد الخطاب التنظيمي كافة ، و التمكن من أخذ القرارات التنظيمية الذي يدلل بشكل قاطع على القدرة التنظيمية التي يتمتع بها أبناء التنظيم ..
3_ حق ممارسة العملية الديمقراطية في الإطار التنظيمي كونها حق لكافة الأعضاء طالما ظلت في الجلسة و اللقاء التنظيمي لضمان تصحيح المسارات التنظيمية و متابعة كافة المستجدات ، فالعضو له الحق و الحرية الكاملة في النقد و الاعتراض و الاحتجاج و المناقشة و الحوار و السؤال ، و لكن ضمن الجلسات التنظيمية وحدها .
4_ الجلسات التنظيمية ساحة مفتوحة للتقييم التنظيمي و ذلك من خلال النقد و المناقشة و الحوار و تقديم الاقتراحات و الأفكار المناسبة لرفعة العمل التنظيمي و ضمان إنجاح مسيرته ليكون قادراً على اجتياز العقبات و التغيرات و تجاوز كل التجاذب و التنافر و التأقلم وسط أقسى و أصعب الظروف و المستجدات مهما عظمت ..
5_ الجلسة التنظيمية أرضية خصبة لوضع خطط العمل التنظيمي الوقتية والوقائية بإشراك الأعضاء ، و انسجام توجهات القادة مع الأعضاء ، و إسهام الجميع بوضع خطط العمل المناسبة للمراحل المستقبلية لتتلاءم و المتغيرات كي تتناسب و كافة الظروف ..
6_ تعتبر الجلسات التنظيمية حلقة الاتصال المباشرة بين القيادة و الأعضاء مما يقرب وجهات النظر و يحقق التلاحم و التعاضد بين كافة أبناء التنظيم الواحد بشكل يضمن و يحقق الالتقاء الأخوي و الدفء في العلاقات التنظيمية .
الخطوات الواجب إتباعها في الجلسة التنظيمية :
1_ التهيئة للجلسة و ذلك من الجانب النظري و المادي .
2_ إكمال نصاب الحضور إن كانت الجلسة تخص قيادة ما من قيادات الحركة ، و ثلاثة أعضاء على الأقل في الجلسات الفكرية و التعبوية ..
3_ الإيذان بفتح الجلسة أمام الجميع ليأخذ كل دوره بشكل إيجابي .
4_ تبادل النقد الذاتي و النقد البناء الهادف للتصحيح و التقويم ، و طرح الأسس السليمة لتجاوز الأخطاء و تصحيح المسارات ..
5_ توضيح جدول الأعمال المراد مناقشته و اتخاذ القرارات التنظيمية بشأنه ( خاصة الجلسات القيادية أو التي تناقش الأمور و القرارات التنظيمية )
6_ مناقشة جدول الأعمال ابتداء من مراجعة النقاط و القرارات التي يتم اتخاذها و التوصل إليها في الجلسة السابقة و مراجعة ما تم مناقشته من أفكار تنظيمية إن كانت الجلسة تنظيمية ثقافية تعبوية ..
7_ يتم إقرار ما تم التوصل إليه من خلال الإجماع أو التصويت ( استخلاص المحتوى الفكري للجلسات الفكرية و تلخيص أهم المرتكزات التنظيمية الواجب أخذها بعين الاعتبار في عملية البناء التنظيمي )
8_ صياغة محضر الاجتماع الخاص بالجلسة التنظيمية و الذي يعتبر وثيقة رسمية من وثائق التنظيم ( إجمال الفائدة الثقافية المستخلصة من الجلسة التنظيمية التعبوية )
مكان الجلسات :
لابد أن يتصف مكان الجلسات بمواصفات و مميزات خاصة تسهل أداء الجلسات التنظيمية و يحافظ على إتمامها و سلامة الأعضاء و المشاركين ، و هذه المواصفات نذكرها في النقاط التالية :
1_ أن يكون بمنأى عن الأنظار و غير ملفت للمتطفلين و المتربصين بالعمل التنظيمي
2_ لا بد أن يكون الصوت محصوراً في المكان و عدم خروجه عن الحيز لضمان عدم لفت الأنظار..
3_ لابد أن تكون رؤية الأعضاء محجوبة عن الآخرين و عدم السماح بنفاذ الأنظار لهذه الجلسات من خلال نوافذ أو أبواب و ما شابه ..
4_ ضرورة أن يتم النقاش بشكل هادئ و غير مثير لاهتمام الآخرين و أن يصب في الجوهر مباشرة و عدم تفرعه لأمور ثانوية تضيع المضمون .
5_ تغيير المكان من وقت لآخر لإفشال عمليات الملاحقة و المداهمة الهادفة لإفشال الجلسات و اللقاءات التنظيمية و المحافظة على سرية المشاركين و صفتهم التنظيمية .
6_ مراعاة عدم الإطالة في الجلسات لتفويت الفرصة على المتربصين و إفشال الخطط الهادفة لإثارة الفوضى و لضمان المحافظة على استمرارية الجلسات التنظيمية .
7_ ضرورة توفير الحماية الأمنية من أبناء التنظيم لمكان عقد الجلسات من خلال رصد المكان و مراقبته بشكل أمني جيد أثناء عقد الجلسات التنظيمية .
حقوق الجلسة التنظيمية :
الجلسة التنظيمية لها حقوق لابد من توافرها لضمان تحقيق النتائج الايجابية منها و هذه الحقوق على النحو التالي :
1_ عدم مقاطعة المتحدث في الجلسة إلا في أمور قاهرة كالخروج عن إطار الجلسة أو استهداف أحد الحاضرين بغية التجريح أو التشهير .
2_ الاهتمام بآداب الجلسة من حيث الانتباه و المشاركة و المحاورة و الاستفسار حتى تعم الفائدة بالشكل المطلوب .
3_ نبذ المحادثات الجانبية التي تفقد الجلسة أهميتها ..
4_ الإقبال على الجلسات كواجب تنظيمي و متطلب أساسي للبناء التنظيمي .
5_ عدم الانشغال بأي أمر يخرج عن إطار الجلسة التنظيمية .
6_ إبداء الآراء من الجميع لضمان المشاركة الجماعية و إبراز المواهب و الطاقات و الإمكانيات و مراعاة الفروق الفردية بين المشاركين ..
صياغة الجلسة التنظيمية :
ضرورة صياغة الجلسات التنظيمية بعد الانتهاء من عقدها حيث أن محضر الجلسة التنظيمية هو الوثيقة الرئيسية و الرسمية التي يتم الاعتماد عليها تنظيمياً و على ضوءها يتم التنفيذ و تحقيق الفائدة و الغاية المرجوة و لابد أن تتوفر في المحضر الشروط التالية :
1_ كتابة المحضر على ورق التنظيم الرسمي .
2_ مراجعة المحضر من أعلى مرتبة تنظيمية في الجلسة .
3_ إقراره من قبل الجلسة التنظيمية ( القيادات )
4_ يتم حصر ما تم الاتفاق عليه ( أو تداوله في الجلسة التنظيمية ) ليتم مراجعة الجلسة القادمة .
5_ يشمل المحضر مكان و زمان الاجتماع القادم .
6_ يتم التوقيع على المحضر ليتم اعتماده كوثيقة تنظيمية رسمية .
هذا سرد مبسط لماهية و أهمية الجلسات التنظيمية حيث تنبع أهمية هذه الجلسات و تدريسها من خلال أنها أقرت و تم فرضها على الواقع لترى النور من خلال تضحيات جسام قدمها أخوة لنا لينيروا الدرب بالعزة والكرامة والشموخ ، و ليمهدوا الطريق لنسير بخطى واثقة و حثيثة نحو الهدف الأسمى ، إذن كان لزاماً علينا المحافظة على هذه الجلسات و المداومة عليها وإعطائها حقها اللائق بقدسيتها ومكانتها البالغة ووفاء للتضحيات التي بُذلت من أجل إيجادها و تكريسها ، و تتأتى المحافظة عليها من خلال الالتزام الحديدي بتعاليمها و شروطها و نهجها لتؤدي أدوراها المنوطة بها على الوجه الأكمل و الأمثل ..
ودمتم ،،،
وأنها لثورة حتى النصر ،،،