أن تنصروا الله ينصركم .. اسم الكاتب : فتحي غنَّام
اسم الكاتب : فتحي غنَّام
أن تنصروا الله ينصركم ..
عدد المشاهدات : 11
11/3/2008 11:56 PM
قال تعالى في محكم التنزيل وهو أصدق القائلين : ( يا أيها الذين أمنوا إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم ..) فعندما ندقق النظر بعض الشيء في مفهوم و ماهية هذه الآية القرآنية الكريمة ، نلمس مفاهيم راسخة دامغة ترتكز على بعضها البعض لتبين لنا صورة حقيقية حية عن النصر الذي ننشده بأغلى ما نملك ، و كلنا استعداد أن نقدم على مذابحه و في ساحاته كل معانٍ للتضحية و العطاء و الفداء ، و لكن تبقى النتيجة غير مرهونة بذلك فحسب إنما مرتبطة ارتباطاً وثيقاً و ملازماً بشرط حيوي و جوهري لا بد من الإيفاء به على أكمل وجه كي نصل لمبتغانا بالشكل الصحيح واللائق لأننا الأجدر بذلك ، فالنصر مشروط .. النصر الذي نرفع أيادينا للمولى العلي القدير أن يحققه لنا بجوهره الحقيقي المبني على القواعد و الأسس الصحيحة و الذي نجني ثماره عزة و فخاراً و رخاء على الشعب كل الشعب ، النصر المبارك من رب العباد بمعالمه الواضحة و غير المشوب بالأحلام و ما تسوله النفس المخطئة التي تعتلي رأس هرم المقت لأنها تقول قولاً كثيراً دون جدوى و لا قيمة و لا فائدة ، إنما هو أمر نظري مطلقاً العنان لامتطاء صهوة اللغة الفضفاضة بعيد كل البعد عن العمل الذي يعطي القول جدوى و حراك و حياة ، فما نزلت آية تحث على الإيمان إلا اقترنت بالعمل ، لأن الدين هو دين العاملين ، و لا مجال فيه للعبارات الجوفاء خالية المحتوى مسخة الطعم كريهة الرائحة ، فالمنشود هو النصر الحقيقي الفعلي الذي يأتي من خلال الإيفاء بالشرط الأول و الأساسي لضمان جدواه ، فنصر الله أولاً و عليه يرتكز نصرنا المنبعث من خلال الطاعة و الامتثال للتعاليم الربانية و ذلك بنية صادقة مخلصة خالصة لوجه الله سبحانه و تعالى ، فهل نصرنا الله حقاً بما يليق بجلاله و عظمة شأنه ؟ أم هل تجاهلنا ذلك كله و ضاع بين ثنايا و طيات الخطابات و الكلمات و بريق السلطة و العروش الفانية و الكراسي البالية ؟ هل امتثلنا لأوامر الله تعالى و أكدنا على أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق أم فضلنا مصالح البعض الغريب عنا و عن ثقافتنا و معاناتنا و اعتلت الأنا على النحن و كرسنا جل همنا لخدمة مصالح ضيقة ما أنزل الله بها من سلطان و ليس لها أي علاقة بالدين لا من بعيد أو قريب و كافة محاولات الصاقها بالدين عبثاً و جزافاً باءت بالفشل و سقطت كل الأقنعة المزيفة التي وهمنا أنها قادرة على ستر العورات إلا أنها لا تساوي في النهاية جناح بعوضة وهنانة تريد أن تحجب أشعة الشمس و تخفي الحقيقة المستمدة من الحق ... فهل حقا نصرنا الله كما أمرنا ؟ وهل امتثلنا لتعليماته الربانية ؟ هل نسخِّر كل شيء لله تعالى ولا نقدم أحد عليه ؟ وإن كان كذلك فلماذا الظلم ولماذا القهر ولماذا نأكل لحوم بعضنا أكلا مبررا دون أن نلقي أي نظرة هنا أو هناك ، فلن تكون جنة ولا شهادة ولا نصر طالما ان الأعمال التي نتقرب بها لذلك مشوبة بذرة من الخلل إن كان ظاهرا أم باطنا أو مجرد وسواس يوسوس للنفس البشرية التي يعتريها النقصان فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى . لقد تم تجاوز الخطوط الحمراء و طمس معالم السماحة الدينية ، و تجاهل القيم و الأخلاق المستمدة من تعاليم الدين الحنيف حيث قال المصطفى صلوات الله و سلامه عليه : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .. ) لقد تم اقتحام كل المحرمات ابتداء من حدود الله و تشريعه و انتهاء بقلب الحقائق و تجييرها لتصب في مصالح فئة ليس لها أي صفة لا من بعيد أو من قريب هذه الفئة عرفها التاريخ بأنها المسئولة المباشرة عن إلقاء الأشواك و العقبات في طريق المسيرة لتعيقها و تعرقلها ، لتحويل الكل في النهاية لخدم أمناء لخدمة مصالح ليس لنا في لا ناقة و لا جمل ، و إنما نحن في معتركها كمرتزقة و أحجار شطرنج مصنوعة من خامة رديئة تتحرك بأيادي سوداء لا تعرف إلا الغاية تبرر الوسيلة و إقامة الأنا الضيقة المقيتة على حساب كل شيء و لا شيء بمنأى عن ذلك .. لقد امتهن الدين و تم استغلاله دون وجل ... استغلاله كله بتشريعه و حدوده و تعاليمه و سماحته ، لقد امتطى تسخراً لأهداف قصيرة النظر و البعد .. فهل الفرقة و التشرذم و البعد و تمزيق الوحدة و بعد الشمل هو نصرة لله تعالى ؟ هل إضعاف بعضنا البعض لصالح حسابات خارجة عن بيئتنا وواقعنا تؤدي لنصرة الله تعالى ونصرة دينه ؟ هل استباحة المحرمات و حرمان جزء من حقوقه المشروعة ليتم استغلالها لفئة أخرى تنطوي تحت الإطار الحزبي لتعم و تستشري التفرقة العنصرية بين أبناء الشعب الواحد هل هذا حقاً نصرة لله تعالى ؟ هل استغلال كل شيء و على حساب الجميع لمصالح الأنا نصرة لله ؟ هل إصدار الفتاوى و سن الفتاوي الفقهية لخدمة أهداف خاصة يعتبر نصراً لله ؟ هل الكذب و تغيير الحقائق و استغفال العباد و من خلال الدين و به يعتبر نصراً لله ؟ فالمسلم معرض أن يرتكب أي معصية هذا وراد و لكن لن و لم يكون كذاباً أبداً أبداً .. فما بالكم إن بدأ سيرته و حياته بالكذب و الخداع و استغلال كل المحرمات و المحظورات باسم الدين هل هذا حقاً نصراً لله ؟؟!! إذن فإن شرط النصر غائب تماماً و مغيب ، و هذا سيجعل هناك خللاً واضحاً في تحقيقه لأن شطره الأول بدون معالم فكيف سيتم إتمام الشرط .. و الشطر الثاني من جملة الشرط طالما أن المتطلبات غير مستوفاة و غير كاملة .. ولابد أن نتدارك أنفسنا قبل أن تنطوي في عالم النسيان و تلعنها الأجيال القادمة ، لنقف وقفة واحدة نسأل أنفسنا سؤال نجيب عليه بكل صراحة ووضوح .. لماذا قام الغرب بتحدي المليار و نصف مسلم و التهجم على قدوتنا و رسولنا المصطفى صلوات الله و سلامه عليه دون أن يلق بالا لشيء ، لماذا لم يحسب حسابنا أحد ؟ لماذا فوَّتنا التهجم على خير البشر وأشرف الأنبياء والمرسلين وسكتنا ونحن نعلم أن الساكت عن الحق شيطان أخرس ؟ لماذا كان الصمت المطبق هل تخوفا وتحسبا للحسابات الخاصة ؟ أم ضعف وقهر وتراجع ؟ وبنفس الوقت نُذبح بأنفسنا وبذاتنا وبشكل جنوني ولم نقم بذلك حيال من أهاننا في عقر دارنا وفي صميمنا ؟؟ هل بعد هذا تهاون وتراجع ؟ أين قول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر ؟ أم أصبحت المصالح الشخصية والحزبية والطائفية هي الأهم وهي على سلم الأولويات ؟؟ فإذا أردنا أن نحقق النصر بناء على تعاليم الله تعالى لا بد أن نبتعد عن الكذب و النفاق و الخداع و نستنكر لغة التخوين و التكفير و نكران الغير و نبتعد عن العنصرية و التفرد بالرأي ، و لا بد أن يكون نتاج عملنا لصالح شعبنا و أمتنا و ليس لصالح أناس فشلت مملكتهم أمام الزحف الإسلامي في مسيرته التاريخية الطويلة ، لنراجع حساباتنا جيداً قبل أن يأتي يوم يختم به الله على الأفواه و تتكلم الأعضاء ، يوم لا ينفع فيه مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .. هل يا ترى نقدر على سلامة قلوبنا لنقبل على الله و نطبق شرائعه و تعاليمه كما أرادها هو و ليس كما رسم لها المتقوقعون الذين يعتمدون كلياً على الغاية تبرر الوسيلة و استغلال كل شيء بغض النظر عن ماهيته ليصب في خدمة الأهداف قصيرة الأمد و الفائدة التي لا تخدم إلا حفنة من الخارجين عن الدين و منهاجه و ليس لهم أي علاقة به لا من بعيد أو قريب بل يطلقون العنان للعبارات الجوفاء ليس إلا .. فكبر مقتاً عند الله تقولوا ما لا تفعلون يا من تلعنون إبليس علانية و تطيعونه سراً .. وحسبنا الله ونعم الوكيل ..