صحوة لا بد منها
اسم الكاتب : فتحي غنَّام
عدد المشاهدات : 2549
26/1/2008 11:44 PM
أحداث متلاحقة متسارعة ، حدود تُزال برهبتها و جدران تتهاوى و تُهدم ، كتل و أرتال بشرية تتدفق و على عجل من أمرها و اللهفة و الشوق يعتليها ، مشهد عجيب رهيب تقف الكلمات و العبارات عاجزة أمام وصفه و نعته و شكله ، الكل منشغل في أمره ، و لكلٍ مهمته و هدفه و جهته ، أفواج تلو الأفواج ذاهبة و عائدة الداخل يسأل الخارج و على عجل و أحياناً تكون إجابات و أحياناً تتلاشى و تذهب في قلب الصخب و الضجيج و الصياح و العويل ، فما عاد أحد يسمع أحد و كل شيء على الأرض قابل للبيع و النقل و الشراء .. أشياء تلزم و أخرى لا تلزم و لكن هناك هدف أصبح كعيد أو موسم لا بد أن يشتري و يبتاع الجميع فالوطن و المواطن بحاجة حتى للهواء الحر ، للشمس المحررة لكل ما هو خارج جدران الحصار الذي ملَّه الجميع و ضجر منه الكل الفلسطيني الحالم بالحرية بمعانيها السامية الراقية ذات الأبعاد الإنسانية و العمق الروحي المستمد من الأمل بحلوه و مره .. فالكل يحمل بيده شيء بقدر ما لديه من إمكانيات لأنه يدرك جيداً أن هناك ثمة أوقات عصيبة قادمة قد تطال الأخضر و اليابس ، أوقات تفقد النقود قيمتها الشرائية و تصبح بلا جدوى إلا عبارة عن أوراق لا تنقع بل تزيد صاحبها عبئاً فوق أعباءه الملقاة على كاهله و تحرق الضمير الذي يقف حائراً أمام عجزها و عدم جدواها .. إن متعة الشراء لدى الناس بحد ذاتها تعبر عن الكثير من الأمور المفقودة و التي تلاشت تقريباً مع الحياة فالرغبة أصبحت متجذرة في ممارسة الحياة البشرية كبشر، يسعون لمعايشة الحياة كباقي البشر الذين يجدون أمور حياتهم حتى و إن بذلوا الجهد و المعاناة ، فكل شيء أصبح مرغوباً و مطلوباً ناهيك عن ذلك لقد تولد الشعور بأن هؤلاء الناس من البشر لديهم التعطش للخروج من العزلة و جدران الحصار المقيت حتى و إن اضطرهم الأمر افتراش الثرى و التحاف السماء ، المهم أن يحطموا كل الحواجز المعنوية و المادية و الوهمية ليتحقق الشعور بالتحرر و انبعاث الحياة من جديد و البرهنة على أن الشعب قادر على الصمود و الثبات و المرابطة و أخذ قدراً كافياً من الطاقة و الحيوية و التجديد ليستمد منها الصيرورة في أيام الحصار السوداء القادمة ، على الرغم من يقينهم الثابت أن الصمود منقوص لأن الصف شابه بعض الشوائب ، والوحدة أصابها سهم قاتل و الجسد الواحد تنكرت أعضاءه لبعضها البعض ، فما الفائدة في الرونق طالما أن الجوهر بحاجة ماسة لالتقاط أنفاسه و استعادة هيبته ، لا بد أن نستحضر النية و نعزم العزم و نعد العدة على تضميد الجراح النازفة ليقوى الكيان على المواجهة فهذا السبيل الوحيد في كسر الحصار ، فكل ما يشترى و كل ما يقتنى إلى فناء و زوال و لكن هناك أمور لا تفنى و لا تزول بل تمنحنا المواصلة و الإصرار و تقوي فينا العزيمة و الإباء و تجعلنا قادرين على المواجهة بكل ثبات .. إنها وحدتنا و ترابطها فهو السبيل لقهر كل المؤامرات و الهجمات و جعلنا أناس نستحق الحياة في نظر و اعتقاد أنفسنا و عند حسن ظن الجميع بنا .. فلتكن هذه الأيام أيام اللقاء و نبذ الفرقة و التشرذم لأن قوتنا في وحدتنا و ضعفنا في تفرقنا و بإذن الله تعالى لن نكن إلا كذلك فكل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ..