بسم الله الرحمن الرحيم
شاهد عيان من رفح !! بقلم / فتحي غنَّام
بأم عيني شاهدت ، و بكياني و شعوري و أحاسيسي شاركت ، و بقلبي و فؤادي وجلت ، و بجسدي و كياني و انتمائي عبَّرت ، و بأكفي الضارعة لله و لساني دعوت و رددت ، و للخالق البارئ المصور اتجهت و شكوت ..و على كل الشياطين و الخارجين نقمت ، و بأعلى صوتي المرتجف غضباً صرخت .. أنه منظر رهيب و عجيب و مشاهد حية واقعية حضرت ، أطفال في عمر الورود و نساء يعلوهن الأمل ، و شباب و رجال كلهم همة و كرامة و اعتزاز ، و شيوخ و كهول ارتسم على وجههم التاريخ بحلوه و مره تداعوا و تنادوا ليباركوا لبعضهم البعض بذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية الثالثة و الأربعين انطلاقة المارد الفتحاوي العملاق ، انبعاث العنقاء الفلسطينية المتجدد و بإمكانياتهم المتواضعة الفلسطينية البسيطة بدأ الجميع في شحذ الفرحة وفاءً للشهداء الأبرار الأكرم منا جميعاً و تجديداً للقيادة الشرعية الملتزمة بالنهج ، و القابضة على الثوابت الفلسطينية كالقابض على الجمر الملتهب و أرواحهم الضاغطة على زناد الحرية و كسر القيود ، في مناسبة جديرة بالاحتفال و إبداء الفرحة و رسم البسمة عزيزة على قلوب كل الأحرار و الأوفياء من أبناء هذا الشعب الجدير بالحياة و يستحق أن يرى النور .. نور الحرية المنبعث من الأمل بالغد المشرق المزدهر و ما هو عنهم ببعيد بإذن الله تعالى أولاً ثم بعزم الرجال و تصميم أبناء الفتح أبناء الثورة الفلسطينية ، الذين أعادوا الهيبة و حافظوا على الهوية ليكونوا المعادلة الصلبة غير القابلة للقسمة و العصية عن التجزئة و الانقسام و التحليل ... و كما جرت العادة و العرف الفتحاوي تم إشعال شعلة الانطلاقة المباركة المجيدة ، و حمل الأطفال المشاعل المبشرة بالأمل و بصوت واحد موحد هتفوا الله أكبر .. و عاشت الذكرى ، و أطلقوا الألعاب النارية ابتهاجاً و حفاوة بهذه المناسبة و العرس الفلسطيني الفتحاوي الكبير ، و بدأت بعض الأهازيج و الأناشيد تصدر من أفواه طاهرة موحدة بالله تعالى رافعين رايات العزة و الفخار الصفراء بأيديهم المتوضئة التي ما عرفت و ما تعودت إلا أن تمتد للخير و العطاء و البناء و الحنو على بعضنا البعض .. و في لحظات كالبرق الخاطف اعتلت بناء المدرسة المجاورة ( مدرسة كمال عدوان الثانوية للبنين ) لساحة التجمع و الاحتفال أشباح سوداء براجمات و قاذفات الياسين و أسلحة القنص المزودة بعدسات الرؤية الليلية ، و داهمت سيارات مملوءة و مكتظة بالمسلحين مكان الاحتفال ، و عصابات طائشة بالزي المدني يسمون أنفسهم بكتائب القسام و ما هم بذلك ، إلا مبعث للشؤم و القتل و الدمار و الويلات أينما حلوا و أينما كانوا .. و على الفور و بدون مقدمات انهالوا بالضرب و الشتائم و الألفاظ البذيئة النابية القذرة الغريبة على ثقافة و انتماء و سماحة الشعب الفلسطيني ، و اشتبكوا مع المحتفلين وسط إطلاق نار كثيف و كأنهم في جبهة حرب حقيقية ، و تعالت منهم صيحات الحقد الأسود الدفين على هذا الشعب و عبارات شيطانية على النساء لا تصدر إلا من أعداء هذه الأمة ، و بعيدة كل البعد عن الانتماء الديني الفلسطيني و شرعوا بسب الذات الإلهية بطريقة تقشعر لها الأبدان و هذا كله من هذه العصابات التي تحاول أن تلصق نفسها بالدين جزافاً و الدين براء منهم و ليس لهم علاقة به ، لأن الله تعالى بحمده يكشف زيفهم مرة تلو الأخرى ، فالذي يسب الذات الإلهية في المسجد بيت الله لا يتورع أن يسبه في أي مكان و زمان لأنهم خارجين خروج الخوارج عن الدين و الصف الوطني ، و عليهم أن ينفذوا برنامج أمليَّ عليهم من الخارج ، من قِبل أناس يكنون العداء و الحقد للشعب الفلسطيني و للدين و السنة النبوية الشريفة ، إنها أجندة غريبة و مستوردة لا علاقة لمبادئ شعبنا بها .. تعالى صراخ الأطفال و النساء و أطفأ هؤلاء المهاجمون بأياديهم السوداء مشاعل الاحتفال و بسياراتهم داسوا فرحة الشعب ، هذه السيارات التي سرقوها و استباحوها بقوة السلاح أثناء انقلابهم الدموي الغاشم مستغلين طيبة و سماحة الشعب و عهدهم لله تعالى بعدم إراقة قطرة دماء فلسطينية لأنها محرمة على الأرض و يرفضها الثرى إن سالت بأيدي فلسطينية ، لأنهم تربوا في مدارس الثورة .. ثورة الفتح و النضال ترفرف عليهم رايات المصالح الوطنية العليا ، و بوصلتهم في قلوبهم لا يتغير اتجاهها مهما عصفت الرياح و مهما عتيت الأهواء و مهما تعاظمت المصالح ، لأن هناك ما هو أكبر من الكل و أغلى من الذات إنه الوطن بمقدساته بعد الإيمان بالله تعالى و التقوى التي تعمر القلوب الطاهرة الندية الخالية من كل معاني الحقد و الكراهية .. و هذه المناظر أعادت للخاطر و على البال مداهمات جيش الاحتلال الصهيوني للمسيرات الوطنية و الاحتفالات و لكن الفرق أن الثانية كانت أشد ضراوة و أكثر همجية و تفوقها في الحقد و الدقة في التنفيذ ليرضى الأسياد و يزداد الثمن مقابل دماء زكية سالت و تسيل ووأد الفرحة و البهجة في نفوس الشعب بكل فئاته و شرائحه و ألوانه ، فلصالح من ذلك يا حماة الوطن و مدعي المقاومة ، هل هذا التسليح و هذه الترسانة توجه لطفل و امرأة و شيخ كهل ، هذه هي سياستكم و هذه ثقافتكم التي عاهدتم عليها من منحكم ترخيص مجمعكم الذي انطلقتم من خلاله أم لصالح لمن يمنحكم الأموال المشبوهة و المشروطة لشراء المزيد من السلاح الفتاك لإراقة دماء الأبرياء و استباحة الحرمات لصالح من ؟؟ ألم تضعون مخافة الله نصب أعينكم إن كنتم تخافونه ؟؟ ألم تخجلون من لحاكم و أنتم تكفرون و تسبون الذات الإلهية ، و الغضب و الحقد يعلي شخصياتكم المهزوزة المرتجفة ، و كأنكم في امتحان و تسابُق لإثبات الجدارة في القتل و الإرهاب و التدمير ... ماذا بقي من حمرة الوجه و الخجل ؟؟ ماذا بقى لديكم من الإنسانية ؟؟ و ماذا بقى في قلوبكم من رحمة ؟؟ ماذا بقى من انتماء لديكم للقضية ؟؟ إنه في الوقت الذي تهاجمون به الأطفال و الشعب برصاصكم الحاقد الطائش كانت الدبابات الصهيونية تجتاح شرق القطاع و شماله و أنتم في أمركم منشغلون و عبر أبواقكم تكذبون ، لقد ملَّكم الشعب و كرهكم الأطفال و بأخس الصفات و الألقاب نعتكم ، لأن زيفكم تكشَّف و لن يكون بعد سب الإله من ذنب ، و إن كنت لم تستحِ فافعل ما شئت .. فلتضاعفوا اعتقالاتكم و خطفكم لكوادرنا و أبطالنا و لتزداد الوطأة و الهجمة و القتل و التدمير و نحن كلنا جاهزين لذلك و لكن اعلموا علم اليقين أن التاريخ و الجماهير لن ترحمكم و إنكم في تراجع مستمر ، و ما عادت أكاذيبكم و ادعاءاتكم تنطلي على أحد لأن الأمور تكشفت و سقط اللثام و انقشع الضباب و ما بقي إلا السراب الذي يحسبه الظمآن ماءً .. لتبدءوا السنة الجديدة بالدماء و الازدياد بتلطيخ أياديكم بمزيدٍ من الدماء و لتزهقوا الأرواح لتلعنكم الجماهير و يسجل لكم التاريخ هذا كله و لا تألون جهداً في تنفيذ سياسات الإملاء الخارجية مدفوعة الثمن و لتدوسوا على الجماجم و ليستشري القتل و الترويع فالمزيد المزيد حتى تحل نقمة الله و لعنته فإن الله بالمرصاد إنه يمهل و لا يهمل و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .. فالمجد و الخلود للشهداء الأبرار شهداء الثورة الفلسطينية ، شهداء منظمة التحرير و الجهاد الإسلامي و شهداء الانقلاب الدموي الأسود ، و التحية كل التحية للمعتقلين أسرى الحرية في المعتقلات الصهيونية و الباستيلات الحمساوية الظلامية ، الشفاء العاجل للجرحى الأبطال و من بترت أطرافهم و كل التحية لأبناء الفتح في ذكرى الانطلاقة على نهج الياسر أبو عمار و أبي مازن و الشرعية .. سنسير مهما كلف الثمن .. عاشت الذكرى .. عاشت الذكرى لأهلنا في فلسطين و الشتات و كل عام و أنتم بخير و إنها لثورة حتى النصر ..