رسالة إلى أبناء جلدتنا ..!! بقلم / فتحي غنَّام

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة إلى أبناء جلدتنا ..!! بقلم / فتحي غنَّام

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر فلا صلاة له .. )) بعد أن فتح رسولنا الكريم صلوات الله و سلامه عليه مكة المكرمة ، أرسل خالد بن الوليد على رأس حملة إلى جذيمة ، ليخيرهم بين الإسلام أو القتال ، و كان من عادات أهل جذيمة أنهم يخرجون بالسلاح عند استقبال عظيم من العظماء ، ففكر خالد بن الوليد أنهم عازمون على قتاله ، فقال لهم : أسلموا .. فقالوا : صبأنا .. فلم يحسنوا القول لأن الصابئ عند المسلمين الكافر _ أي كفرنا _ ، و عند العرب هو من غيَّر دينه ، فهجم عليهم خالد و أحدث بهم مقتلة رهيبة ، فحينئذ قالوا : أسلمنا .. فقال لهم خالد : إنما أسلمتم خوفاً من السيف ، فواصل ملاحقتهم و أسر عدداً منهم ، و في الليل أمر الجيش بقتل الأسرى ، فبعضهم فعل ذلك و البعض الآخر رفض ، و على رأسهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.. و عندما رجعوا حدثوا الرسول صلى الله عليه و سلم بما جرى فغضب غضباً شديداً قائلاً لخالد : و هل شققت عن قلوبهم ؟ و رفع يد خالد و قال : (( اللهم إني أبرأ مما فعله خالد .. إني في سيفه لرهقة _ أي جرأة زائدة على القتل _ )) .. فالقلوب لا يعلم ما فيها إلا الله سبحانه و تعالى ، بهذا المنطق السمح كان رسولنا الكريم يدعو للإسلام و للدين امتثالاً لأوامر الله تعالى (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن ..)) فأين يا ترى سنة الرسول الكريم مما جرى و يجري حالياً على أرض غزة المنكوبة المحتلة و استباحة دماء المسلمين و من يقل لا إله إلا الله محمد رسول الله ؟ فهل ما يدور هو باسم الدين هو الدين نفسه الذي نزل به أمين الوحي جبريل عليه السلام من الله على سيد البشر ليتمم مكارم الأخلاق ؟؟ بكل تأكيد إنما حدث و يحدث لا ينسب أبداً للإسلام و لا لرسولنا صلوات الله و سلامه عليه ، بل هو دخيل و غريب على المنهاج الإسلامي السمح الذي أرسى دعائمه قدوتنا الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم الذي تبرأ من فعلة سيف الله المسلول رغم أن من قتلهم كانوا كفاراً و لم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ، و عندما نطقوا بالشهادتين لم يعلم نيتهم إلا الله تعالى ، و الرسول بنفسه قال لخالد (( أشققت عن قلوبهم )) فماذا نقول لمن ينعتون أنفسهم بعلماء المسلمين ليشرعوا و يحللوا إراقة الدماء ، و استباحة أرواح و أملاك البشر ؟؟ فإنهم بعيدين كل البعد عن المقاييس الإسلامية الشرعية مستغلينها لمصالح حزبية ضيقة ما أنزل الله بها من سلطان ، فمن يتحمل وزر منع مسلم من الصلاة ؟؟ أو إرغامه على الصلاة معصوب العينيين ، أو على رأسه كيساً أسوداً كريه الرائحة و قد يكون بعيد كل البعد عن الطهارة ، و لا يتم نزعه حتى أثناء الوضوء ، فكل من تم اعتقاله على أيدي الصهاينة العدو الوحيد لشعبنا يدرك جيداً حجم المصيبة التي يعانيها أبناء قطاع غزة لأنه لا وجه للمقارنة أبداً رغم التباين في التوجه و الاعتقاد و القرابة و الدين ... فهل يعقل هذا ؟ و في أي سفر نزل هذا الاعتقاد الذي يمنع المسلم من الصلاة و الوضوء ؟ ألم يعلم من يفعل ذلك أن المسلم في صلاته يقف بين يدي الله ؟ فما أروع أن يقف بين يدي الخالق مكبلاً مكمماً ليشكو إليه ظلم العباد لرب العباد ، ليرفع الظلم و يزيل الغمة و يبدل الظلمة .. فماذا ستقل للخالق يا من قتلت و شوهت و أعدمت أرواحاً طاهرة مسلمة يوم الموقف العظيم عندما يسألك لماذا قتلت فلان ..؟؟ ما الذنب الذي اقترفه ؟؟ (( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ )) هل تقول لأن الشيخ الفلاني أو العالم الرباني العلّامي فتى بذلك و أباح قتله ألم يقل لك رب العالمين : ((الم نجعل له عينيين * ولسانا وشفتين * وهديناه النجدين )) ألم يخلق لك الله عقلاً تفكر به و عينان تبصر بهما .. لماذا تلغي كل ذلك و تكون كالأنعام و أضل سبيلاً ، ألم يقل لك رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( لا تكن إمعة ..)) فالمسلم فطن .. حريص كل الحرص على الآخرة لأنه يدرك جيداً أن الدنيا و ما عليها لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، إذاً فكم تساوي إمارة غزة من جناح البعوضة هذا عند الله ، و ماذا يساوي متاع هذه الدنيا الفانية متاع الغرور .. فعندما تُجمع الأغلبية و الجماعة على إمام واحد و قائد واحد للشعب أليس من حق الأقلية إطاعة هذا الإمام و الامتثال لتعليماته ، و أي خروج عليها يعتبر خروج على الدين بأسره ، فما حكم ذلك في الدين يا من تشرعون و تفتون و أنتم تعلمون أن أجرأكم فتوة أسرعكم للنار .. فإن كانت الأمور بما تهوى أنفسكم استحببتم الأمر ، أما إن جاءت مخالفة لذلك و في مصلحة الأغلبية تنكرتم لها و حاربتموها (( أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ )) فالدين لا يعرف اللون الرمادي أبداً و ليس على الهوى ، إنما هو جلي واضح وضوح الشمس في كبد النهار لا يعرف إلا الفصل . فمن يريد الآخرة و الرضوان فلا يخف في الله لومة لائم (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ..)) و التقوى مكانها القلب يصدقها و يصادق عليها و يطبقها العمل فلا مجال للعبارات و لا للشعارات فسيأتي اليوم لا محال الذي لا ينفع فيه مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .. و ليعلم الجميع أنه يتخلى عنك الكل أمام الله حتى تتخلى الأم عن من أرضعت و يقول الجميع نفسي نفسي .. لذا فلنحسن خواتيم أعمالنا قبل فوات الأوان ، فباب التوبة مفتوح و الرجوع إلى الله مسموح ، و لا تزر وازرة وزر أخرى فإن الله تعالى يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار ،و يبسطها في النهار ليتوب مسيء الليل .. و كل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ، فهل من توبة نصوح صادقة لوجه الله تعالى ؟؟ و الرجوع عن إيذاء البشر و الحجر و الشجر ؟؟ فالتوبة عند الموت لا تقبل أبداً و خير عبرة و دليل على ذلك فرعون الذي أراد أن يتوب عندما غرق في اليم فقال له تعالى : ((فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ )) فكتاب الله تعالى و سنة و سيرة نبيه الكريم كلها عبر و آيات لمن يتفكر و يعتبر فهل من معتبر ... ولا بد أن يعلم الجميع أنه إذا قال العبد المسلم يا رب قال له الله تعالى لبيك يا عبدي ، و إذا قال العبد العاصي يا رب قال له الله تعالى لبيك لبيك لبيك يا عبدي .... (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ... ))

شكرا لك اخى الحقيقة و جعلك الله دخرا لابناء الفتح مع تحياتى امونة